احصائيات

الفدرالية ومخاوف التقسيم ..
نص الدستور العراقي على أن  نظام الحكم في جمهورية العراق هو النظام الفدرالي وحدد العلاقة بين الحكومة المركزية وحكومات الأقاليم كما حدد تفاصيل أخرى تتصل بهذا النظام . الفدرالية تعني وجود حكومة مركزية وحكومات محلية تتولى حكم المحافظات أو الأقاليم التي يتكون منها بلد من البلدان ، وبذلك يتم تقاسم السلطات بين المركز ( العاصمة ) والمحافظات أو الأقاليم الأخرى التي يتشكل منها ذلك البلد ، أي ان الحكم المركزي يتم تجاوزه في النظام الفدرالي . ويتكون كل إقليم في الدستور العراقي من محافظة فأكثر وتعد بغداد إقليما ولا يجوز لها أن تنضم لإقليم .. ونلاحظ من قراءة تفاصيل النظام الفدرالي في الدستور العراقي ومن إجراءات تطبيقه انه يضعف من وحدة العراق وهذا ما يدعو الى إعادة النظر في كتابة الدستور العراقي وتلافي بعض تفاصيل الفكرة وتطبيقها . فالصلاحيات والإمكانات التي يتمتع بها إقليم كردستان تجعله دولة في داخل دولة وهذا مما يضعف وحدة العراق - كما قلنا -  ويخلق صراعا بينه وبين المركز قد يتطور الى تمرد على المركز ومحاولة للانفصال عنه . ولقد ترددت دعوات الى فدرالية الأنبار سبقتها دعوات الى فدرالية البصرة وفدرالية الوسط وكان في منطق أصحابها شيء من الأنانية التي تنافي روح الوطنية . فمن دعوا بهذه الدعوات أرادوا أن تتمتع هذه الأقاليم التي دعوا إليها دون غيرها أو أكثر من غيرها بثروات تلك الأقاليم ، وقد يدفعهم حب الاستئثار الى الاستقلال والانفصال عن العراق وهذا ما نخشى منه ونحذر ولهذا لم يتجاوب الجمهور العراقي في شتى محافظات العراق مع هذه الدعوات ومنها ما أجري فيها استفتاء على ذلك فخيبت نتائج الاستفتاء ظن الساعين في هذا المشروع . لقد أسقط الشعب هذه الدعوات ورفضها بعدما تبين له أنها تصب في غير مصلحته بل في مصلحة غايات خاصة ضيقة وأجندات خارجية تسعى الى تقسيم العراق وتعبر عن جهل بطبيعة النظام الفدرالي الذي يقوم على أساس مناطقي وليس على أساس عرقي أو طائفي . وهذا ينبهنا الى دواعي بناء النظام السياسي في العراق على أساس عرقي أو طائفي فالغاية هو تقسيم العراق الى دويلات  والتمهيد لهذا التقسيم عن طريق إيجاد فرقة فكرية طائفية وعرقية تعبر عنها هذه الفدراليات . ان النظام الفدرالي يشكل عامل قوة ووحدة في أمثلة الدويلات المتفرقة التي تريد أن تتقوى بالاتحاد . صحيح أنه نظام يعزز الوحدة والاتصال اذا اعتمد من قبل وحدات مفككة أصلا فيزيد من لحمتها واتصالها . وبالنسبة الى العراق فإنه دولة موحدة متماسكة والدعوة الى اعتماد النظام الفدرالي لها مبرر وحيد هو حالة خاصة تتصل بوضع كردستان أما ما عدا ذلك فهو دعوة لإضعاف وحدة هذه الدولة المتحدة . لقد عانى الأكراد في العراق وعلى مدى حكومات متعاقبة من علاقة متأزمة مع هذه الحكومات وأعلنوا في خلال هذه المراحل عن رغبتهم في حكم فدرالي يضمهم الى الحكومة المركزية . وكنا نحن بقية العراقيين نتفهم رغبة اخواننا الأكراد ودواعي هذه الرغبة . وقد عمد النظام البائد الى إعطائهم حكما ذاتيا أعلن عنه في ( 11  أذار 1970 ) الا انه التف على هذا القرار ولم يكن مخلصا له . وقد عمل الاحتلال على دعم فكرة الفدرالية تمهيدا لتقسيم العراق وهو ما عبر عنه صراحة على لسان نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن الذي دعا الى تقسيم العراق الى ثلاث مناطق على أساس طائفي وعرقي . ولقد تحفظ العراقيون الذين يحرصون على وحدة العراق على هذه الدعوات فجابهوا دعوات تكوين أقاليم فدرالية في الوسط والبصرة والأنبار وغيرها بأنها دعوات لم يئن أوانها أو انها لا داعي لها ما دام العراق بلدا موحدا ، أما الصراع الطائفي والعرقي الذي شهده العراق فقد كان مفتعلا وغايته التمهيد لدعوات التقسيم الفدرالية ، فمكونات الشعب العراقي تعايشت بوئام ومحبة وأخوة على مدى الزمن الطويل الذي ضمها معا . لا بأس أن يبقى ما أقر في الدستور من أن العراق بلد اتحادي فدرالي ولكن على أن تقتصر الفدرالية على إقليم كردستان دون غيره أما ما عداه فالعراق وحدة واحدة تضم في قلبها فدرالية كردستان بكل محبة  . لكل ذلك ندعو الى إعادة النظر في كتابة الدستور العراقي لكي نحدد وصف النظام الفدرالي ولكي تقتصر الفدرالية على إقليم كردستان دون غيره .





حقوق النشر محفوظة Copyright © 2012, dr-batol.com, All Rights Reserved