احصائيات

نزيف الكفاءات العراقية
من أعظم ما مني به العراق في فترة الاحتلال وفي الفترة التي مهدت لها قبل ذلك في عهد النظام البائد عمليات الاغتيال والتصفية التي تتعرض لها الكفاءات العراقية من أطباء ومهندسين وأساتذة جامعيين وضباط وفنانين وكل أصحاب العقول العلمية والمبدعة في كل الاختصاصات فضلا عن عملية الهجرة الطوعية والقسرية التي هي ظاهرة استنزاف كبيرة كذلك لهذه الكفاءات  .. هذه الظاهرة مصدر هدر لأهم الثروات الوطنية ومحاولة لإفراغ البلد من العقول الواعية المبدعة التي تستطيع أن تبني لنا دولة عصرية واقتصاد متين مزدهر ونهضة علمية وحضارة راقية ، والتي هي مصادر قوة بلدنا ودواعي سمعته وما يعزز مكانته بين الأمم . وظاهرة استهداف الكفاءات - التي زادت في المدة الأخيرة - تثير التساؤل ، فمن المسؤول عن هذه الاغتيالات ولمصلحة من ؟ .. فلو افترضنا أن القاعدة وفلول النظام البائد هم من يقف وراء هذه الاغتيالات كما يقول قادة الأجهزة الأمنية فما وجه المصلحة من هذا الاستهداف ؟ .. القاعدة كما تدعي  تريد محاربة الوجود الأمريكي الاستعماري ، وفلول النظام البائد تدعي كذلك محاربة الوجود الأمريكي والمسؤولين السياسيين . . فلماذا تغتال الكفاءات الوطنية التي لا صلة لها بالعمل السياسي والتي تعمل لصالح العراق وتناهض الاحتلال  ؟ .. 
هذا الاستهداف الذي يسعى إلى إفراغ العراق من هذه الكفاءات دفع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي  -في خطوة يراها بعض المراقبين متأخرة - الى الاتفاق مع وزارة الداخلية على منح هذه الشخصيات تراخيص لحمل السلاح . ويرى أخرون أنها ليست الحل المناسب وأن من واجب الدولة العمل على توفير الأمن وتلافي الخلل في إدارة الجهاز الأمني ، فمهما درب هؤلاء فهم لا يستطيعون مجابهة الإرهاب المنظم الذي يهاجم بالأسلحة الكاتمة للصوت وبأعداد كبيرة ويباغت باختيار الزمان والمكان . ثم ان هذه الخطوة توحي بعجز الدولة ولا تشعر المواطن بالأمان وليس صحيحا تكليف الناس بحماية أنفسهم في حين أنه من واجبات الدولة والأجهزة الأمنية التي لا تستطيع الدولة أن تقوم بخطوة جريئة لتنظيفها من العناصر المشبوهة التي تخترقها وتجعلها أداة للاعتداء على الناس لا لحمايتهم . كذلك لم تقم بتفعيل عمل الجهاز القضائي في الإسراع بمحاكمة القتلة والإرهابيين وإدانتهم بل انها تتأثر بدعوات حقوق الإنسان المشبوهة التي تنتصف للمجرمين وتطالب بالعفو عنهم وتوفير ظروف أكثر من مناسبة لإيوائهم وقد ساعد كل ذلك على إطالة مدة دوامة العنف والقتل والجريمة المنظمة .
إن عمليات التصفية والاغتيالات للكفاءات العراقية يجب أن تتوقف بإرادة الشعب الضاغطة عن طريق مجلس النواب بلجانه ذات الصلة كلجنة الأمن والدفاع ولجنة حقوق الإنسان ولجنة الثقافة وغيرها ، وكذلك عن طريق حركة الشارع العراقي ليكون الشعب والبرلمان أداة إلزام وضغط على الحكومة لاتخاذ إجراءات أكثر فاعلية ولمكاشفة الشعب بنتائج التحقيق التي توصلت إليها اللجان التي شكلتها في أعقاب استهداف الشخصيات المهمة وعدم التستر على الجهات المتورطة التي قد تكون جهات دولية أو إقليمية أو محلية والتي لا تستطيع أو تخشى من الإشارة إليها . إن الحفاظ على أرواح الناس مهمة الحكومة ولقد صبر الشعب طويلا في أمل انتهاء هذا النزيف الذي يغضبه ويغضب الله فليحذر من يدعي مخافة الله والناس ..




حقوق النشر محفوظة Copyright © 2012, dr-batol.com, All Rights Reserved